الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.استيلاء ركن الدولة على طبرستان وجرجان. لما ملك وشمكير جرجان من يد الحسن بن القيرزان سار إلى ركن الدولة بن بويه وأقام عنده بالري ثم سار سنة ست وثلاثين وثلاثمائة إلى بلاد وشمكير ولقيهم فهزموه وملك ركن الدولة طبرستان وسار منها إلى جرجان واستأمن إليه قواد وشمكير وولى الحسن بن القرزان على جرجان ورجع إلى الري وسار وشمكير إلى خراسان مستنجدا بابن سامان فأمر منصور بن قراتكين صاحب خراسان أن يستوفد العساكر لإنجاده فسار معه وكان مصطنعا عليه وكتب وشمكير إلى ابن سامان يشكو من ابن قراتكين ثم كتب لأمير نوح إن أبي علي بن محتاج أن يسير معه إلى الري فسار معه وقاتلوا ركن الدولة فلم يظفروا به حتى صالحهم كما تقدم ورجع إلى وشمكير فانهزم أمامه إلى أسفراين وملك ابن بويه طبرستان وحاصر سارية وملكها ولحق وشمكير بجرجان وسار إلى جرجان في طلب وشمكير إلى بلد الجيل واستولى ابن بويه عليها..وفاة وشمكير وولاية ابنه بهستون. لما غلب بنو بويه على كرمان من يد أبي علي بن إلياس لحق وشمكير بالأمير منصور بن نوح ببخارى مستنصرا به وأطمعه في ممالك بني بويه وأسر إليه أن قواده بخراسان لا يناصحونه في شأنه فكتب إلى أبي الحسن محمد بن إبراهيم بن سيجور صاحب خراسان بالمسير إلى الري بطاعة وشمكير والتصرف عن رأيه واستعد ركن الدولة للقائهم واستنجد ابنه عضد الدولة وخالفهم إلى خراسان وبلغهم الخبر فتوقفوا بالدامغان يستطلعون الأخبار وركب وشمكير للصيد فاعترضه خنزير فرماه بحربة من يده فحمل عليه الخنزير فشب الفرس وسقط وشمكير إلى الأرض ومات من سقطته في محرم سنة سبع وخمسين وأربعمائة وانتقض جميع ما كانوا فيه ولما مات وشمكير قام ابنه بهستون مقامه وراسل ركن الدولة وصالحه فأمده بالعساكر والأموال..وفاة بهستون وولاية أخيه قابوس. ثم توفي بهستون بن وشمكير بجرجان سنة ست وستين وثلثمائة لسبع سنين من ولايته وكان أخوه قابوس عند خاله رستم بجبل شهريار وترك بهستون ابنا صغيران بطبرستان في كفالة جده لأمه فطمع له جده في الملك وبادر به إلى جرجان وقبض على من كان عنده ميل إلى قابوس من القواد وفي خلال ذلك وصل قابوس فخرج الجيش إليه واجتمعوا عليه وملكوه وهرب أصحاب ابن منصور فكفله عمه قابوس وجعله إسوة بنيه وقام بملك جرجان وطبرستان..استيلاء عضد الدولة على جرجان وطبرستان. لما توفي ركن الدولة سنة ست وستين وثلثمائة وعهد لابنه عضد الدولة وولى ابنه فخر الدولة على همذان وأعمال الجبل وابنه مؤيد الدولة على أصفهان وكان بختيار بن معز الدولة ببغداد فاستولى عليه ثم سار إلى أخيه فخر الدولة بهمذان فهرب إلى قابوس ونزل عضد الدولة الري وبعث إلى قابوس في طلب أخيه فخر الدولة فأبى فأمر أخاه مؤيد الدولة بخراسان أن يسير إليه وأمده بالأموال والعساكر وسار إلى جرجان سنة إحدى وسبعين وثلثماثة ولقيه فخر الدولة بخراسان عندما وليها حسام الدولة أبو العباس تاش من قبل الأمير أبي القاسم بن نوح وكتب إلى العباس تاش يأمره بإنجاد قابوس بن وشمكير وفخر الدولة على مؤيد الدولة وإعادة قابوس إلى بلده فزحف في العساكر إلى جرجان وحاصرها شهرين حتى ضاقت أحوالهم..وكاتب مؤيد الدولة فائقا الخاصة من قواد خراسان واستماله فوعده أن ينهزم بمن معه يوم اللقاء. وخرج مؤيد الدولة فقاتلهم وانهزم فائق بمن معه كما وعد ووقف حسام الدولة وفخر الدولة قليلا ثم اتبعوه منهزمين إلى خراسان ثم استدعى تاش لتدبير الدولة ببخارى بعد قتل الوزير العتبي فسار إليه سنة اثنتين وسبعين وثلثمائة مؤيد الدولة وكان من خبر وفاته ما قدمناه وقعت الفتنة بين تاش وابن سيجور وانهزم تاش إلى جرجان وقابله فخر الدولة من الكرامة والنصرة بما لم يعهد مثله حسبما مر في أخبارهم ولما ملك فخر الدولة جرجان وطبرستان والري اعتزم على رد جرجان وطبرستان إلى قابوس رغبا لما كان بينهما كما بدار الغربة وأنه الذي جر على قابوس الخروج عن ملكه فشاور عن ذلك وزيره الصاحب بن عتاد فلم يوافقه وبقي مقيما بخراسان وأنجده بنو سامان بالعساكر المرة بعد المرة فلم يقدر له الظفر حتى كان استيلاء سبكتكين.
|